فيقال: أرسل إليه؟ فيقول: نعم" (١)، فتعلم الملائكة بهذا أنه أوحي إليه عليه الصلاة والسلام.
و{الْمَلَائِكَةُ} عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور، وجعل لهم عبادات كما اقتضتها حكمته، وجعل بعضهم أفضل من بعض.
وقوله:{وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}{شَهِيدًا} حال؛ أي: كفى الله عزّ وجل شاهدًا، والباء هنا قالوا: إنها زائدة لتحسين اللفظ، والأصل "كفى اللهُ شاهدًا" ونعم، والله! كفى اللهُ شاهدًا، لكن إذا جاء شاهد آخر وثالث ازداد الأمر قوة، كما قال تعالى:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ}[آل عمران: ١٨] فالشهادة على الوحدانية صارت من ثلاثة أطراف: الرب عزّ وجل، والثاني: الملائكة، والثالث: أولو العلم، أما الشاهد بالرسالة فلم يذكر إلا طرفين: الله، والملائكة؛ لأن أولي العلم لا يكونون أولي علم إلا بعد ثبوت الرسالة، فهم تابعون.
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - إثبات الشهادة لله، من قوله:{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ} وقوله: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} وهو سبحانه وتعالى شاهدٌ على كل أعمال الخلق، وعلى كل ما يحدث في السماء والأرض، بل على ما لا يحدث لو حدث كيف كان، قال تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}[ق: ١٦] مع أنه لم يتكلم به، ولكن الله يعلم بذلك.
(١) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة (٣٢٠٧) عن مالك بن صعصعة؛ ورواه مسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١٦٢) عن أنس بن مالك.