للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ} كلمة {لَكِنِ} حرف استدراك، وجاء حرف الإستدراك في هذا الموضع لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - له من يكذبه، ويقول: إنك لم ترسل كما أرسل الرسل، فقال: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ} خلافًا لمن كذبه، وقال إنه لم يُنزل إليه.

وقوله: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} قوله: {يَشْهَدُ} شهادته تعالى لنبيه نوعان: شهادة قولية، كما في هذه الآية، وشهادة فعلية وهي: تمكينه في الأرض، ونصره على عدوه، وإظهار الآيات التي تعجز البشر على يده - صلى الله عليه وسلم -، فإن هذه شهادة فعلية. قوله: {بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ} وهو القرآن.

وقوله: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} يعني: أنه نزل بعلم من الله عزّ وجل، أو أنزله بمعلومه؛ أي: بما علم سبحانه وتعالى أنه مصلح للخلق وللعباد، وكلا المعنيين صحيح ولا يتنافيان، فيجب حمل الآية على المعنيين، بناءً على القاعدة، أنه إذا احتمل الدليل لمعنيين على السواء، ولا منافاة بينهما وجب حمله عليهما جميعًا.

وقوله: {وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ} الملائكة تشهد أيضًا أن الله أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - قرآنًا كان به رسولًا، وهل المراد بالملائكة هنا ملك واحد وهو جبريل لأنه نزل بالقرآن، أو العموم؟

الجواب: العموم، ويجب أن نعلم أنه إذا جاء اللفظ عامًا فالواجب حمله على عمومه إلا بدلالة قوية تدل على أنه أريد به الخصوص، سواءً كانت دلالة شرعية أو عقلية.

ومن المعلوم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عرج به كان جبريل عليه السلام يستفتح، فيقال: "من معك؟ فيقول: محمد،

<<  <  ج: ص:  >  >>