للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأتي المغفرة سابقة للرحمة في الغالب؛ لأنه كما يقال: التخلية قبل التحلية. والمغفرة تكررت في القرآن الكريم وفي غير القرآن أيضًا، وهي مشتقة من المِغفَر، وهو: الخوذة، وهي: عبارة عن شيء مثل الإناء من الحديد يلبس على الرأس حتى يُتقى بها السهام، ويتقى بها السيف. ومعنى مغفرة الذنوب: ستر الذنب، والتجاوز عنه؛ لأن هذا مقتضى الإشتقاق، فالذين يقولون: الغَفْر في اللغة: الستر، لم يحيطوا بالمعنى إلا إذا قالوا: الوقاية؛ لأنه ليس كل ساتر واقيًا.

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

١ - نفي التساوي بين الناس، والعجب أننا نسمع من يدندن كثيرًا فيقول: إن دين الإسلام دين المساواة، وهذا غلط على دين الإسلام، فدين الإسلام ليس دين المساواة، ولكنه دين العدل، والعدل هو: إعطاء كل أحد ما يستحقه؛ ولذلك تجد أكثر ما في القرآن نفي المساواة، وليس إثباتها؛ كقوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} [الرعد: ١٦]، وكقوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩]، وقوله: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [الحديد: ١٠] وهلم جرا.

فالقول بأن الإسلام دين المساواة في الحقيقة قد ينبني عليه مبدأ خطير، وهو:

أولًا: تسوية الذكور مع الإناث وأن تفضيل الذكور على الإناث يعتبر مخالفًا لدين الإسلام.

ثانيًا: الإشتراكية، بتسوية الناس في الرزق، بحيث نأخذ من مال الغني ونعطيه الفقير؛ لأن الدين دين المساواة، ولو قالوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>