للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} {الْحُسْنَى} هي: الجنة كما فسر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦]، قال: "الحسنى الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله" (١)، فالحسنى إذًا: الجنة، وهي وصف لموصوف محذوف تقديره: وعد الله الموعدة الحسنى، وهي اسم تفضيل، يعني: لا غاية في الحسن فيما سواها، بل كل ما يوجد من الحسن فهو دونها؛ لأن الحسنى اسم تفضيل؛ أي: أعلى ما يكون الحسن.

وقوله: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} قال في الأول: {دَرَجَةً} وهنا قال: {أَجْرًا عَظِيمًا}، فالأول في المنزلة، والثاني في حجم الأجر والثواب.

وقوله: {دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٩٦)} الله أكبر! {دَرَجَاتٍ} هذه بدل، أو عطف بيان من قوله: {أجْرًا}.

وقوله: {دَرَجَاتٍ مِنْهُ} وقد أبهمت في الآية، لكن قال الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله" (٢).

وقوله: {وَمَغْفِرَةً} أي: مغفرة للذنوب.

وقوله: {وَرَحْمَةً} أي: تيسيرًا للمطلوب، وباجتماع المغفرة والرحمة يزول المرهوب ويحصل المطلوب، فيزول المرهوب بالمغفرة؛ لأن الذنب الذي حصل واستحق العقوبة عليه يغفر له، وبالرحمة يحصل المطلوب، والرحمة هي فوق المغفرة؛ ولهذا


(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب إثبات رواية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه (١٨١).
(٢) تقدم ص ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>