للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنفاق لم يكن معروفًا قبل الإِسلام، ولا في أول الإِسلام؛ لأن أول الإِسلام ليس هناك قوة للمسلمين يخافها الناس، لكن لما صار للمسلمين شوكة، وقوي المسلمون وذلك بعد انتصارهم في غزوة بدر في السنة الثانية بدأ النفاق يظهر، وقال المنافقون: إن أمره قد اشتد وظهر، فلا بد أن نداهنه، ولا بد أن تظهر أننا معه حتى لا ينالنا بسوء، وحصل لهم ما أرادوا، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم ينالهم بسوء، حتى أنه استؤذن في قتلهم فقال: "لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه" (١) لكن هذا لا ينفعهم.

إذًا: أول ما ظهر النفاق حين قوي المسلمون بعد غزوة بدر.

قوله: {بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} {بِأَنَّ} متعلق بقوله: {بَشِّرِ} وقوله: {عَذَابًا} اسم أن، و {لَهُمْ} خبرها مقدم، وقوله: {بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}؛ أي: مؤلمًا. والعذاب الأليم سيأتي في آخر الآيات، في قول الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥)} [النساء: ١٤٥].

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أنه ينبغي لنا أن نصارح المنافقين بأن نبشرهم، سواءً بلفظ أبشروا، أو بلفظ "اعلموا"، {بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} حتى يرتدعوا عن نفاقهم.

وهنا قاعدة ينبغي أن نفهمها: إذا وردت النصوص لفظية


(١) تقدم (١/ ٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>