للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"الغفور" صيغة مبالغة من الغفر، وهو ستر الذنوب، وعدم المؤاخذة عليها، و"الرحيم" كذلك صيغة مبالغة من الرحمة، والرحمة صفة ذاتية لله عزّ وجل، ولكن لها آثار، مثل: نزول المطر، وسعة الرزق، وكثرة العلم، واتجاه الناس اتجاهًا سليمًا، وما أشبه ذلك، فهذه الأشياء هي من آثار رحمة الله، ولكن ليست هي الرحمة، إنما يطلق عليها الرحمة لأنها آثار رحمة الله كما قال الله تعالى في الجنة: "أنت رحمتي أرحم بك من أشاء" (١).

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - تحريم نكاح هؤلاء السبع بالنسب، وكلهن قريبات، لقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ}.

فإن قال قائل: إضافة التحريم هنا إلى الأعيان، فما الذي خصصه بالنكاح، ألا يجوز أن يقول قائل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} أي: لا تنظروا إليهن، أو لا تقتلوهن، فما الذي يقيد التحريم بالنكاح؟

فنقول: يفهم ذلك من سياق الآية التي قبلها، وهي قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢]، فالسياق في الآية التي قبلها وفيها أيضًا كل ذلك في النكاح، فتعين أن يكون المراد به النكاح، وما زعمه بعض العلماء من أن في الآية إجمالًا مترددًا بين كذا وكذا، فهذا لا وجه له.


(١) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب سورة ق، حديث رقم (٤٥٦٩)؛ ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، حديث رقم (٢٨٤٦) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>