وقوله:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} يشمل الأختين الشقيقتين، والأختين لأب والأختين لأم؛ لأن الآية مطلقة.
قوله:{إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} نقول فيها كما قلنا في قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}[النساء: ٢٢] أي: لكن ما قد سلف معفو عنه، وإنما ذكره الله عزّ وجل لعظم المقام، ولئلا ينشغل الإنسان بفعله السالف الذي وقع على الوجه المنهي عنه، ومن الحكم بيان حكم الولد الحاصل من النكاح فيما سلف بمعنى: أنه لو نكح الإنسان زوجة أبيه في الجاهلية، وأتت منه بولد، ثم أسلم وفرق بينهما؛ لأن سبب التحريم باقٍ، لكن الولد الذي حصل من النكاح الأول ينسب إليه شرعًا، فهذا - والله أعلم - هو الحكمة من قوله تعالى:{إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} لأجل أن يزول ما في قلب الإنسان نهائيًا؛ لأنه قد يقول: إذا كان ذلك حرامًا عليّ، فما موقفي أمام الولد الذي خلق مني في ذلك الوقت، فطمأن الله العباد بقوله:{إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}، فهذا هو الحكمة في استثناء واستدراك ما سبق، وإلا فقد يقول قائل: ما سبق كيف يرجع التحريم إليه بما يسمى أثرًا رجعيًا؟ فنقول: الحكمة من ذلك هو عظم المقام، والثاني: أنه لو ولد ولد في ذلك النكاح، فالولد ولد شرعي؛ لأنه معفو عنه - أي: عما سلف - وعن آثاره.
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} سبق الكلام على هذه الآية كثيرًا، وفيها تأكيد اسمين من أسماء الله بمؤكدين:{إِنَّ} و {كَانَ}؛ لأن و {كَانَ} كما أسلفنا مسلوبة الزمان، فتفيد تحقيق الوصف.