للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحصيهم إلا الله، فيجيب هؤلاء ويقولون: الملائكة لهم أمكنة، وكل واحد منهم قد شغل مكانًا، والأمكنة التي في السماء والأرض أكثر من الملائكة، وعلى هذا فيكون غير العاقل في السماوات والأرض أكثر، وهذا ليس ببعيد أن يقال: إنه غلب غير العاقل؛ لأنه أكثر.

وقوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} ختم الآية بالعلم والحكمة إشارة إلى أن كفر هؤلاء الذين كفروا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان عن علم وحكمة من الله، أما كونه عن علم فلأنه في ملكه، ولن يكون في ملكه ما لا يعلمه.

وأما كونه عن حكمة فلأنه لا تقوم أحوال العباد ولا دين العباد إلا بهذا التقسيم؛ أي: أن يكون بعضهم مؤمنًا وبعضهم كافرًا، ولولا هذا الإنقسام ما قام علم الجهاد، ولا تميز المؤمن من الكافر، ولا صار للمؤمن مزية يتميز بها عن الكافر، ولا حصل للنار ملؤها؛ وقد تكفل الله لها بذلك، فمن حكمة الله أن يكون في الناس مؤمن وكافر.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - بيان أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رسول من عند الله حقًا، لقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ}.

٢ - عموم رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - لجميع الناس لقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ}.

فإن قال قائل: أفلا يمكن أن يراد بالناس الخصوص، كما في قوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: ١٧٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>