للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضعه؛ أي: ما كان صوابًا موافقًا للحكمة، فليس السداد أن تلين في القول ولا أن تشتد به، ولكن أن يكون قولك صوابًا مطابقًا للحكمة، فقد يكون السداد بشدة القول، وقد يكون السداد بلين القول، وانظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يشتد أحيانًا بقوله، وكيف يلين أحيانًا بقوله، وقوله - صلى الله عليه وسلم - كله سداد، وكله سديد بلا شك، والحكمة تختلف باختلاف الأحوال، وباختلاف الأشخاص، وباختلاف موضوع الكلام.

فلو أن رجلًا أراد أن يخطب في قوم أسرفوا على أنفسهم ووقعوا في المحارم، فإن السداد أن تكون الخطبة قوية، وبانفعال وبزجر شديد، وكأنه منذر قوم أو جيش يقول: صبحكم ومساكم، وإذا كان يخطب عند قوم ليسوا بهذه المثابة، ولا يرون الشدة في القول، بل ربما ينفرهم، فإنه في هذا الحال يلين لهم القول.

وقد ورد ذكر القول السديد في غير هذه الآية، في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠)} [الأحزاب: ٧٠].

والنتيجة لتقوى الله والقول السديد هي قوله تعالى: {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الأحزاب: ٧١] .. {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} الدينية والدنيوية، {وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} أي: ما أذنبتموه، فعلينا أن نأخذ بهذه التوجيهات الإلهية والأوامر فنتقي الله ونقول قولًا سديدًا.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - تذكير المرء بما يحدث له؛ حتى يراعي في ذلك غيره، لقوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>