للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلم: إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكًا جازمًا، فإذا أدركت - مثلًا - أن هذه ورقة سمي هذا علمًا؛ لأنك أدركتها على ما هي عليه إدراكًا جازمًا، وإذا قلت: يترجح عندي أنها ورقة فهذا ليس بعلم؛ لأنه ليس جازمًا، وإذا قلت: لا أدري ما هي، فهذا أيضًا ليس بعلم؛ لأنك لم تدركها.

وأما قوله: {حَكِيمًا} فالحكيم: مأخوذ من الحكم والإحكام، فهو حكيم بمعنى: حاكم وبمعنى: محكِم، فالحاكم بين عباده والحاكم على عباده هو الله، وتأمل كيف قلنا: الحاكم على عباده وبين عباده! فالحاكم بين عباده يعني: فصل النزاع بينهما، والحاكم عليهم يعني: الذي له الحكم على العباد يحكم فيهم بما شاء، وهو أيضًا مشتق من الحكمة، والحكمة قال العلماء هي وضع الشيء في موضعه اللائق به، فيكون اسم الحكيم مشتملًا على حكم وإحكام، والحكم نوعان، والحكمة نوعان أيضًا، وإذا ضربت اثنين في اثنين صار الحاصل أربعة، كما سبق بيانه.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - امتناع قتل المؤمن للمؤمن عمدًا، ويؤخذ من قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}، وإذا جاءت "ما كان" أو "لم يكن" أو "لا ينبغي" أو "ما ينبغي" فإنها تفيد الإمتناع، ولكن هذا الإمتناع شرعي؛ لأنه قدرًا يمكن أن يقتله عمدًا لا خطأً، فإذًا: هو شرعًا لا يمكن، ولهذا يعتبر من قتل المؤمن خطأ يعتبر ناقص الإيمان جدًا، حتى إنه يصح أن ننفي عنه الإيمان, فنقول: هذا ليس بمؤمن؛ أي: ليس بمؤمن كامل

<<  <  ج: ص:  >  >>