فالله سبحانه عليم؛ أي: ذو علم، وقد بيّن الله سبحانه في آية أخرى أن علمه واسع شامل محيط بكل شيء جملة وتفصيلًا، قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)} [الأنعام: ٥٩].
{حَكِيمٌ}؛ أي: ذو حُكم وحكمة، وقد سبق لنا شرح ذلك، وبينا أن حكمة الله عزّ وجل تكون في الحكم الشرعي والحكم الكوني، وأنها تكون على صورة الشيء وعلى الغاية منه؛ أي: صورية وغائية.
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - إثبات الإرادة لله، لقوله:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ}، وهل هذه الإرادة أزلية أو هي حادثة؟
نقول: الإرادة نوعان: إرادة أزلية، وإرادة حادثة، فالإرادة المقارنة للفعل إرادة حادثة، والإرادة السابقة إرادة أزلية، ويظهر هذا بالمثال، أنت الآن تريد أن تصلي العشاء، فهذه إرادة سابقة على الفعل، فإذا أذن قمت إلى الصلاة فصليت، فهذه إرادة مقارنة للفعل، فإرادة الله المقارنة لفعله حادثة، وإرادته الأزلية السابقة لفعله غير حادثة، وهو مريد سبحانه لكل ما سيكون، وهذه إرادة أزلية.
٢ - سعة رحمة الله عزّ وجل بعباده حيث أراد أن يبين لهم؛ لأن من لطفه وكرمه أن لا يدع الناس على جهلهم.
٣ - أنه ليس في الشرع شيء مجهول لكل أحد، لقوله:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ}، فالشرع لا يمكن أن يكون خفيًا على كل