للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على طريق الحق، لكنهم استحبوا العمى على الهدى.

وأما الهداية بمعنى التوفيق، ففي قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: ٥٦]؛ أي: لا توفقه لسلوك طريق الهداية؛ لأن ذلك إلى الله.

قوله: {سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}:

{سُنَنَ}: جمع سنة وهي الطريقة، والمراد بسننهم ما كانوا عليه من الشرائع، لكن الشرائع تختلف باختلاف الأمم واختلاف الأزمنة والأمكنة: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]، لكن الناس سواء في الأصل.

وقوله: {سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}؛ يعني: اليهود والنصارى وغيرهم ممن نزل عليهم الوحي.

{وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} بالنصب {يَتُوبَ} عطف على {يُبَيِّنَ}؛ أي: ويريد ليتوب عليكم؛ أي: يوفقكم للتوبة.

وتوبة الله على العبد نوعان: توبة توفيق للتوبة، وتوبة قبول للتوبة، فمن الأول قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١١٧] أي: وفقهم للتوبة ليتوبوا.

ومن الثاني: قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: ٢٥] والتوبة في قوله: {وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} تشمل المعنيين.

قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}: العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه، فخرج بقولنا "إدراك": الجهل؛ لأنه ليس بإدراك، وخرج بقولنا "على ما هو عليه": الجهل المركب؛ لأن الجاهل المركب يدرك الشيء على خلاف ما هو عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>