{وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ}: هذا وصف قبيح أيضًا، وعطف الصفات بعضها على بعض مع أن الموصوف واحد يفيد إثبات ما سبق، وأن هذا أمر زائد عليه، والصفات المتكررة لموصوف واحد يجوز فيها وجهان في اللغة: إسقاط حرف العطف، وإثبات حرف العطف.
فقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤)} [الأعلى: ١ - ٤] فهذه الآيات جمعت بين الأمرين بين حذف حرف العطف وبين إثباته، فالصفة الأولى فيها إسقاط حرف العطف {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢)}، والصفة الثانية والثالثة فيها إثبات حرف العطف، مع أن الموصوف واحد، ولكن التغاير هنا بين المعطوف والمعطوف عليه تغاير صفة لا تغاير ذات، ولكن حرف العطف يفيد إثبات ما سبق.
هنا قول الله سبحانه:{وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ}، "ينفقونها": يبذلونها، و {رِئَاءَ النَّاسِ}: مفعول من أجله؛ أي: من أجل أن يراهم الناس فيمدحوهم على البذل، وليس ذلك من أجل التقرب إلى الله، لقوله:{وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ}، فلا يؤمنون بالله فيتقربوا إليه، ولا باليوم الآخر فيرجوا ثوابه، بل هم منكرون لله ولليوم الآخر، وهذا فيمن كان كفره تمامًا، أما من كان كفره ظاهرًا فإنه قد ينفق رئاء الناس