للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قال الله تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (١٤٣)}.

{مُذَبْذَبِينَ} أي: مرددين، يرددهم الشيطان، مرةً هنا، ومرةً هنا.

قوله: {لَا إِلَى هَؤُلَاءِ} أي: المؤمنين، {وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} أي: الكافرين، فهم في الظاهر مسلمون، وفي الباطن كافرون، فهم إذا أتوا الكفار قالوا: إنا معكم، وإذا جاءوا إلى المسلمين قالوا: إنا معكم، ألم نكن معكم؟ ! فهم والعياذ بالله مذبذبين لا يستقرون على رأي، وهذا لأنهم لم يؤمنوا أول مرة، كما قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠)} [الأنعام: ١١٠] ولهذا احذر أن لا تقبل الحق إلا مترددًا، فمتى بان لك الحق فقل: سمعًا وطاعة، وآمن خوفًا من أن يقلب فؤادك وبصرك إذا لم تقبل الحق في أول مرة.

ومن هذا أو قريب منه ما يفعله بعض الناس، إذا قلت له: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بكذا .. أو إن الله أمر بكذا .. قال: هل الأمر للوجوب؟ ! كأنه يقول: إذا لم يكن للوجوب فلن أفعل، وهذا غلط، إذا سمعت الله يأمر، أو الرسول - صلى الله عليه وسلم - يأمر فقل: سمعنا وأطعنا، سواءً كان للإستحباب أو للوجوب، وإنما يسأل عن الواجب أو المستحب إذا ضيع الإنسان هذا الأمر وتركه، فحينئذٍ لا حرج عليه أن يقول: هل هو واجب فأقضيه، أو غير واجب فلا آثم بعدم القضاء، أما قبل أن تفعل فإن تمام العبودية أن تقول: سمعنا وأطعنا، ثم إن كان واجبًا فقد حصلت على ثواب

<<  <  ج: ص:  >  >>