للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {مِنْ رَبِّكُمْ} الربوبية هنا: ربوبية بالمعنى الأخص؛ لأن كونه عزّ وجل يمنُّ علينا بالآيات البينات القاطعة لا شك أن هذا من مقتضى ربوبيته الخاصة، فهو سبحانه وتعالى رب الجميع، لكن هناك ربوبية خاصة يمنُّ الله بها على من يشاء من عباده.

وقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} , {نُورًا} يعني به: القرآن، والنور ضد الظلمة.

وهو نور معنوي لا شك؛ لأن به يستنير القلب والوجه، وفي القبر والبعث، فالقرآن كله نور، ولكنه يحتاج إلى تأمل، وإلى تدبر لمعانيه، وإلى عمل به.

وقوله: {نُورًا مُبِينًا} كلمة "مبين" ذكرنا فيما سبق أنها تصلح أن تكون بمعنى "بيَّن"، وبمعنى "مظهر"؛ وذلك لأنها مشتقة من "أبان"، و"أبان" تصلح متعدية ولازمة، فتقول: أبان لي الطريق، وحينئذ تكون متعدية، وتقول: أبان الفجر، بمعنى طلع، وهذه لازمة، وعلى هذا فكلمة {مُبِينًا} يصح أن تفسرها بأنه مبين لغيره، وبأنه بين في نفسه ولا يتنافى المعنيان، وقد مر أن القاعدة المهمة الأصلية أنه متى كانت النصوص من القرآن والسنة تحتمل معنيين لا مرجح لأحدهما على الآخر، ولا منافاة بينهما، وجب حمل النص على المعنيين جميعًا.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن القرآن الكريم نازل لجميع الخلق، لقوله: {قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ} , ويترتب على هذه عموم رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

٢ - أنه يجب على من لم يعرف اللغة العربية أن يتعلمها، ليتوصل إلى الإستفادة من القرآن، لقوله: {بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ}، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>