للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {احْتَمَلَ بُهْتَانًا} لأنه كذب على الغير: {وَإِثْمًا مُبِينًا} لأنه جمع بين الخطيئة أو الإثم وبين رمي غيره بها، فجمع بين السيئتين، ولهذا كان إثمًا مبينًا.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - تحريم رمي الغير بما يفعله الإنسان من خطيئة، ووجه ذلك: قوله: {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}، فإن رمى الغير بخطيئة أو إثم لم تنسب إليه من قبل، فهل يكون داخلًا في ذلك، يعني: أن رجلًا اتهم شخصًا بعمل خطيئة أو إثم وقال: إنه عمل الخطيئة والإثم، فهل نقول: إنه احتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا؟

الجواب: نعم، نقول ذلك، لكن الآية إنما خصت ذلك فيمن فعل الشيء ثم رمى غيره لأنها تحكي القضية الواقعة، وحكاية القضية الواقعة لا يكون لها مفهوم ما دام المعنى ثابتًا في هذا ونظيره، ولا شك أن من رمى غيره بفعل خطيئة وهو كاذب أنه متحمل للإثم والبهتان.

٢ - أن السيئات تتضاعف بتعدد أوصافها، لقوله: {بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}، وهذا هو الواقع وهو العدل، أرأيت من قذف قريبًا له ومن قذف أجنبيًا عنه، كلاهما قد قذف، لكن انضم إلى قذف القريب قطيعة الرحم، فتكون هذه السيئة متضاعفة فلا جرم أن يتضاعف إثمها؛ لأن الأحكام مرتبة على أوصافها.

وكذلك من تصدق على بعيد وتصدق على قريب، ففعله كله صدقة، لكن صدقته على البعيد صدقة فقط، وعلى القريب صدقة وصلة، فالأعمال السيئة تتضاعف بتضاعف الأوصاف، وكذلك الأعمال الصالحة تتضاعف بتضاعف الأوصاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>