للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مودة، وكأنه من أبعد الناس عنهم، حين افتخر بأن نجا من المصيبة التي أصابتهم، واحتقر هؤلاء الذين أصيبوا وصار كالموبخ لهم.

* * *

* قال الله تعالى: {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧٣)} [النساء: ٧٣].

{وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ} أي: نصر وغنيمة {لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} أي: يتمنى على الله الأماني بعد أن فاته الأمر.

قول الله تبارك وتعالى: {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ} الجملة شرطية وقسمية:

شرطية لوجود إن، وقسمية لوجود اللام، فاللام في قوله: {وَلَئِنْ} موطئة للقسم، و"إن" شرطية و {لَيَقُولَنَّ} واقعة في جواب القسم، وقد تنازعها الشرط والقسم، فنجعلها للقسم يوضح ذلك ابن مالك رحمه الله في قوله:

واحذف لدى اجتماع شرط وقسم ... جواب ما أخرت فهو ملتزم

والمؤخر هنا هو الشرط، فجواب الشرط محذوف، والذي بقي جواب القسم، ولهذا قرن الجواب باللام، ولم يقع مجزومًا جوابًا للشرط، وهذه قاعدة عند النحويين: أنه إذا اجتمع شرط وقسم فإنه يحذف جواب المؤخر، إما الشرط، وإما القسم، كما تقول: والله! إن قام زيد ليقومن عمرو، فالمؤخر هو جواب الشرط، وتقول: إن قام زيد والله! يقم عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>