المهم: أن المؤخر هو الذي يحذف جوابه على هذه القاعدة التي عند النحويين.
قوله:{لَيَقُولَنَّ} أي: هذا المبطئ، وفيها قرآتان: القراءة المشهورة {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ} والثانية "كأن لم يكن بينكم وبينه مودة" أي: محبة وصحبة.
وقوله:{كَأَنْ لَمْ} هذه فيها شاهد نحوي وهو: تخفيف كأن.
وجملة {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ} في محل رفع خبر كأن، واسمها ضمير الشأن محذوف.
وقوله:{كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} المودة هي: خالص الحب، يعني: كأنه بعيد منكم ليس بينكم وبينه ارتباط، وهذه الجملة قال أكثر المفسرين بأنها جملة تعود إلى الحال الأولى، وهي {فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ}[النساء: ٧٢].
وفي الآية التقسيم لحال الرجل في قوله:{وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ}، فإنه يدل على أن الرجل لا يريد القتال في سبيل الله، إنما يريد الدنيا، فإن أصابتهم مصيبة افتخر أنه نجا، وإن فاته النصر قال:{يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ}، فهو يشبه من قال الله فيهم:{فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ}[التوبة: ٥٨].
وقوله:{يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ} هذا مقول القول في قوله: {لَيَقُولَنَّ}{يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ} أي: أتمنى أني معهم: {فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} والفعل هنا منصوب بفاء السببية على رأي ذوي التسهيل واليسر الكوفيين، وبأن مضمرة بعد الفاء على رأي البصريين، والتقدير:"فأن أفوز فوزًا عظيمًا"، وإنما نصب الفعل بذلك لأنه واقع في جواب التمني.