للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون المقصود بالوصية المضارة، فإن ثبت أن المقصود بها المضارة؛ فهي لاغية، كما لو علمنا أن هذا الميت الذي ليس له إلا إخوة من أم أنه أوصى بالثلث من أجل أن يضيق على الإخوة، فهذه وصية ضرار، فلا تنفذ؛ لأن الله اشترط في الوصية النافذة أن تكون غير مضار بها، وكذلك لو فرض أن المريض تدين دينًا يضر بالورثة يستغرق جميع ماله، فإنه في هذه الصورة ينظر فيه إذا كان قد ضار بهم، فإن الضرر ممنوع شرعًا.

وقوله: {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ} (وصيةً) مفعول مطلق، عامله محذوف وجوبًا؛ لأن المقصود بها هنا الإلزام، والوصية بمعنى العهد المؤكد.

وقوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} {عَلِيمٌ} بما يصلح عباده، {حَلِيمٌ} بمن عصاه فلا يعاجله بالعقوبة، والفائدة من ختم هذه الآية الطويلة - التي اشتملت على إرث الزوجين والإخوة لأم - بالعلم والحلم: أنه قد تكون الوصية مضارًا بها، ومع ذلك فلا يعجل الله للإنسان بالعقوبة، ولهذا ختم الله هذه الآية بهذين الإسمين الكريمين: العليم والحليم.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن الإرث ملك قهري، لا اختيار للإنسان فيه، لقوله: {وَلَكُمْ}، فقد ملكنا الله إياه وأثبته حكمًا شرعيًا، فلو قال الزوج: أنا لا أريد نصيبي من زوجتي، قلنا له: لا، بل هو داخل في ملكك قهرًا لا خيار لك فيه، فإن قال: أريد أن أتفضل به لها في مشروع خيري، أو إن كان لها أولاد أتفضل به على أولادها، قلنا له: هذه ابتداءُ عطية.

<<  <  ج: ص:  >  >>