الخيانة، والخيانة هي: الغدر في موضع الأمانة، وهي صفة ذم بكل حال، بخلاف المكر والخديعة فإنها تكون أحيانًا مذمومة، وأحيانًا محمودة، فإذا كانت في موضع يحسن فيه المكر والخداع فهي محمودة، وإذا كانت بموضع لا يحسن فيه الخداع والمكر فهي مذمومة، أما الخيانة فلكونها غدرًا في موضع الإئتمان فهي مذمومة بكل حال.
ولذلك يوصف الله بالمكر والخداع ولا يوصف بالخيانة، كما في قول الله عزّ وجل:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}[النساء: ١٤٢] وقوله: {فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}[الأنفال: ٧١] ولم يقل: فخانهم، وكان مقتضى المقابلة أن يقول: فخانهم، كما قال:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} لكن الخيانة لما كانت صفة ذم بكل حال صار الله تعالى منزهًا عنها.
وقوله:{وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} أي: مخاصمًا، وهل يكون عليهم خصيمًا؟ الجواب: نعم، يعني: ضدهم.
نقول: أما بالنسبة لله عزّ وجل فهي صفة مدح بلا شك؛ لأنه جل وعلا هو المتكبر المتعال، المستحق للحمد والمدح، أما من الإنسان فهذا فيه تفصيل: فقد يكون من المستحسن أن تعبر عن نفسك بصيغة التعظيم إذا كان في ذلك إهانة للأعداء، وبيان لمنزلتك، فإن التعظيم في هذا المكان أمر ممدوح، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في مشية الخيلاء: "إنها مشية يبغضها الله إلا في هذا