للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم مع ذلك من تدبر القرآن جاعلًا إياه دليلًا على الحق فإنه لا بد أن يهتدي للحق، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)} [القمر: ١٧]، وتيسيره شامل لتيسير لفظه ومعناه، والعمل به، لكن يحتاج إلى تذكر.

إذًا: قوله: {بِالْحَقِّ} له معنيان، المعنى الأول: أن نزوله من عند الله حقًا، والمعنى الثاني: أن ما جاء به القرآن فهو حق.

قوله: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام وقوله: {لِتَحْكُمَ} يحكم بالقرآن، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يستدل بالقرآن، كما أننا نحن نستدل بالقرآن.

وقوله: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} المقصود تحكم بينهم في فصل الخصومات، وفي بيان أحكام أعمالهم، فيشمل هذا وهذا، فهو يحكم فيفصل بين الخصوم عليه الصلاة والسلام بما أراه الله، وكذلك يحكم بين الناس في أحكام أعمالهم، فيقول: هذا حق، وهذا باطل، وهذا واجب، وهذا محرم، وما أشبه ذلك.

وقوله: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} متعلق بتحكم أي: تحكم بالذي أراك الله، وقوله: {أَرَاكَ اللَّهُ} الظاهر أنه من الرأي ومن الرؤية، فيشمل هذا وهذا، فيشمل ما استنبطه النبي عليه الصلاة والسلام من القرآن، وإن لم تكن دلالته صريحة باللفظ وهذا من الرأي، أو مما أراه الله بما يتبين له من ألفاظ القرآن، ويحتمل أن تكون الإراءة هنا بمعنى العلم؛ أي: بما أعلمك؛ فتشمل المعنيين.

وقوله: {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} لما ذكر أن الله أنزل عليه الكتاب بالحق، نهاه أن يكون خصيمًا للخائنين؛ أي: لذوي

<<  <  ج: ص:  >  >>