الكتاب، فالتعظيم هنا لعظمة المنزِل ولعظمة المنزَل، وكذلك قوله:{أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ}"نا" هنا للتعظيم.
وقوله:{إِلَيْكَ} الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة، وللناس بواسطة، كما قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا}[النساء: ١٧٤]، فهو منزل إلى الرسول مباشرة، وإلينا بواسطة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقوله:{الْكِتَابَ} هو القرآن، وسمي بذلك لوجوه ثلاثة:
الوجه الأول: أنه مكتوب في اللوح المحفوظ.
والثاني: أنه مكتوب بأيدي الملائكة البررة، كما قال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (١٦)} [عبس: ١٢ - ١٦].
والوجه الثالث: أنه مكتوب بأيدي البشر، يكتبه الناس وقد سهل الله لهم ذلك، فهو يكتب من عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإلى يومنا هذا.
وأصل الكَتْب مأخوذ من الجمع، لاجتماع الكلمات والحروف، ومنه الكتيبة للطائفة المجتمعة في قتال الأعداء، وكتاب هنا بمعنى مكتوب، فهو فعال بمعنى مفعول.
{بِالْحَقِّ} الباء هنا إما أن تكون للمصاحبة، وإما أن تكون للتعدية، وكلاهما صحيح، فهو نازل بحق ليس مكذوبًا، بل نزل من عند الله حقًا، وهذا لإثبات نزوله من عند الله.
كذلك هو نازل بالحق؛ لأن كل ما نزل به القرآن فهو حق، إن كان خبرًا فهو صدق، وإن كان حكمًا فهو عدل، فالحق وصف للقرآن في حد ذاته، وأنه صدق ومن عند الله، وفيما جاء به فأخباره كلها صدق، وأحكامه كلها عدل.