للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} لم يقل: فإن الله يجازيكم به، كما هو المتوقع! فيقال: إن ذكر العلم فيه فائدة: وهو أنه لا يضيع لكم أي خير كان؛ لأن علم الله محيط به، فيكون هذا المعلوم ثابتًا لكم، ومن المعلوم من آيات أخرى كثيرة أن الله تعالى يقول: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٧ - ٨].

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - حرص الصحابة رضي الله عنهم على معرفة الأحكام الشرعية، لقوله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ}، ولكن يجب أن نعلم أن استفتاء الصحابة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - استفتاء متطلب للحكم ليقوم به، ويعمل به، ولهذا إذا علموا بالأحكام عملوا بها، بخلاف بعض الناس اليوم، حيث يستفتي لينظر ما عند العالم، ثم إن شاء أخذ به وإن شاء استفتى عالمًا آخر، وهذا الأخير يعتبر متلاعبًا بدين الله عزّ وجل؛ لأنك إذا استفتيت عالمًا فإنك قد جعلت ما يفتيك به هو الطريق إلى الله عزّ وجل، فإذا كنت إنما تسأله لترى إن وافقت فتواه هواك أخذت بها عندئذ وإلا طلبت غيره، فهذا هو الذي يتبع هواه، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: من تتبع الرخص صار فاسقًا.

٢ - اعتناء الصحابة بشأن النساء، بل واعتناء الله عزّ وجل فوق ذلك بشأنهن، لقوله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}، فالمستفتي الصحابة والمفتي هو الله عزّ وجل، والواسطة بين المستفتي والمفتي هو الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>