للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {شَيْطَانًا مَرِيدًا} المَريد: هو البالغ في العدوان والعتو غايته، وهل الشياطين أقسام: منهم المريد ومنهم غير المريد، أم أنها صفة كاشفة؟

في هذا قولين، فيحتمل أنها صفة كاشفة، والمعنى أن كل شيطان فهو مريد، ويحتمل أنها صفة مقيدة، وأن الشياطين ينقسمون إلى مردة وغيرهم، ولهذا جاء في حديث تصفيد الشياطين في رمضان في بعض الألفاظ: "تصفد مردة الشياطين" (١) أي: الشياطين العتاة الأقوياء بعتوهم.

* * *

* قال الله تعالى: {لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (١١٨) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (١١٩)} [النساء: ١١٨ - ١١٩].

{لَعَنَهُ اللَّهُ} اللعن بمعنى: الطرد والإبعاد عن رحمة الله عزّ وجل، وهذا يتعين أن يكون خبرًا؛ لأنه من الله، والله يفعل ولا يدعو على أحد، فالله تعالى يخبر بأنه لعنه، وقد قال الله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨)} [ص: ٧٨]، وفي الآية الثانية: {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٣٥)} [الحجر: ٣٥]، فلعنة الله ولعنة اللاعنين على إبليس إلى يوم الدين.

قوله: {وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} قوله: {وَقَالَ} الفاعل الشيطان، والواو للاستئناف، ولهذا يتعين


(١) رواه الترمذي، كتاب الصوم، باب فضل شهر الصوم، حديث رقم (٦٨٢)؛ والنسائي، كتاب الصيام، باب فضل شهر رمضان (٢١٠٦)؛ وأحمد (٢/ ٢٩٢) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>