للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوقوف على قوله: {لَعَنَهُ اللَّهُ} ثم تستأنف، {وَقَالَ} أي: الشيطان.

وقوله: {وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} مقول القول: هو جملة {لَأَتَّخِذَنَّ}، وهذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم المقدر، واللام، ونون التوكيد.

وقوله: {لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} المعنى: أتخذهم أولياء أتولاهم ويتولوني، والنصيب: الجزء من الشيء، وهذا النصيب أكبر بكثير من النصيب السابق؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الله يقول يوم القيامة: "يا آدم؛ فيقول: لبيك وسعديك! فيقول: أخرج من ذريتك بعث النار، فيقول: يا رب! وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون" (١).

لكن يجب أن نعلم أن الشيطان لم يقل: لأتخذن من بني آدم، بل قال: {مِنْ عِبَادِكَ} و {عِبَادِكَ} أعم وأشمل من بني آدم، ولهذا قال: {نَصِيبًا مَفْرُوضًا} وهم الذين أغواهم من بني آدم.

فعليه نقول: هل المراد بالعباد هنا: بنو آدم؟ إن قيل: هم بنو آدم صار من باب العام الذي يراد به الخاص، وحينئذ يكون هذا النصيب المفروض أكثر بكثير من الذين سلموا من إغوائه، وإذا قلنا: المراد بالعباد ما يشمل كل الخلق، ومنهم الملائكة الذين قال الله تعالى عنهم: {عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: ٢٦]، كذلك كل المخلوقات متذللة لله عزّ وجل تذللًا شرعيًا أو تذللا قدريًا.


(١) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء قصة يأجوج ومأجوج (٣٣٤٨)؛ ورواه مسلم، كتاب الإيمان، باب قوله يقول الله لآدم اخرج بعث النار من ذريتك (٢٢٢) عن أبي سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>