للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى هذا يكون النصيب المفروض بالنسبة للعباد على سبيل العموم قليلًا، لكنه بالنسبة لبني آدم كثير؛ لأن من الألف من بني آدم تسعمائة وتسعة وتسعين في النار وواحدًا في الجنة.

وقوله: {نَصِيبًا مَفْرُوضًا} الفرض بمعنى الحتم، يعني: محتمًا مقدرًا، وقد أعطاه الله عزّ وجل ذلك، ومكنه من إضلال بني آدم لحكمة أرادها سبحانه، ولكنه توعد من تابعه، وقال: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)} [ص: ٨٥].

قوله: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} فهو يتخذهم أولياء يتولاهم ويتولونه، ويضلهم أيضًا عن صراط الله عزّ وجل، سواء في هذه الأمة أو في غيرها، والجملة هنا: مؤكدة بما أكدت به الجملة قبلها أي ثلاثة مؤكدات، وقوله: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} أي: عن الصراط المستقيم.

قوله: {وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ} أي: أَعِدُهُم بالأماني، وفعلًا وقع هذا لآدم، حيث قال له الشيطان: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: ١٢٠]، {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١)} [الأعراف: ٢١] فنسي آدم عليه الصلاة والسلام أن الله نهاه وقال: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: ٣٥] لكن وعدهم بأماني وقال: {أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} يعني: على الشجرة التى إذا أكلتها تخلد، ويصير لك الملك الذي لا يبلى، فالشيطان يمني ابن آدم بعدة أماني:

منها: أنه يسهل عليه أمر المعصية، ويقول: هذه سهلة .. وهذه صغيرة تكفر بالصلوات .. وتكفر بالعمرة، وهكذا، وما علم المسكين الذي أضله الشيطان أن الصلوات والعمرة إلى العمرة وما أشبه ذلك مما يكفر به الذنوب لا بد أن تكون كاملة، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>