للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا}؛ أي: وعلى غيره أيضًا قدير، والتقديم هنا لا يدل على الحصر، ولكن تقديمه لتأكيد قدرته عليه، وهو محل الخصومة بين المنكرين والمثبتين للقدرة، فلذلك قدم المعمول للأهمية، ومر علينا قريبًا مثله.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - إثبات المشيئة لله، وتؤخذ من قوله: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ}، والمشيئة الثابتة لله ليست مشيئة مطلقة مجردة عن الحكمة بل هي مشيئة مقرونة بالحكمة، فكل شيء علّقه الله بالمشيئة فالمراد المشيئة التي تقتضيها الحكمة، بدليل: قول الله تبارك وتعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠)} [الإنسان: ٣٠]، فدل ذلك على أن مشيئة الله مقرونة بالعلم والحكمة.

٢ - بيان قدرة الله عزّ وجل، وأنه قادر على أن يذهب الناس جميعًا ويأتي بآخرين، ومعلوم أن نوحًا عليه الصلاة والسلام هو الأب الثاني للبشرية؛ لأن الله تعالى أهلك قومه إلا من كانوا معه، وقد قال المؤرخون: إن الذين بقوا من البشرية كلهم أولاد لنوح، وأن أولاد نوح: سام وحام ويافث هؤلاء الثلاثة تفرع منهم بنو آدم بعد أن أغرق الله أهل الأرض.

فهنا أذهب الله أهل الأرض، وأتى بآخرين، وعمرت الأرض بساكنيها، إلى أن بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فكان خاتم الأنبياء.

٣ - إثبات قدرة الله عزّ وجل على كل شيء، فهو قادر عزّ وجل على إعدام الموجود؛ لأنه شيء، وعلى إيجاد معدوم؛ لأنه شيء، وكل شيء فالله قادر عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>