للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} الجملة لا يخفى أنها جملة شرطية، وفعل الشرط وجوابه كلاهما فعل مضارع، ولهذا جاءا مجزومين، {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ} وقوله: {يُذْهِبْكُمْ} بمعنى: يعدمكم حتى لا تكونوا في الوجود.

وقوله: {أَيُّهَا النَّاسُ} هذا منادى، وصدر الله هذه الجملة بالنداء للتنبيه، و {النَّاسُ}: يشمل الكافر والمؤمن.

قوله: {وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} أي: بآخرين يتقون الله عزّ وجل، ويقومون بأمره، وهذا كقوله تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: ٣٨]، وهذا تهديد من الله عزّ وجل أن يخالف أوامره أحد.

قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا}، أي: على إذهابكم والإتيان بآخرين قديرًا، والقدرة وصف يتمكن به القادر من الفعل بلا عجز، والقوة وصف يتمكن به من الفعل بلا ضعف، والدليل على أن القدرة ضدها العجز، والقوة ضدها الضعف، قول الله تبارك وتعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: ٥٤]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر: ٤٤]، ولم يقل: عليما قويًا؛ لأن الذي يقابل العجز هو القدرة.

وقوله: {وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} حذف في قوله: {بِآخَرِينَ} الموصوف، والتقدير "بقوم"، وعليه قول مالك رحمه الله:

وما من المنعوت والنعت عقل ... يجوز حذفه وفي النعت يقل

فالمنعوت يحذف كثيرًا كقوله: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: ١١] ومثل هذه وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>