للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٤)} [النساء: ١٤].

يقول الله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، المعصية: مخالفة الأمر، أو الوقوع في النهي، فمن ترك الواجب فقد عصى، ومن فعل المحرم فقد عصى، يقول شيخ الإسلام: فعل المنهي يعتبر ترك واجب، والقاعدة صحيحة، فترك الواجب وقوع في النهي، وفعل النهي ترك للواجب؛ لأنه يجب الكف عن المنهي، ويستشهد لذلك بقول ابن عباس رضي الله عنهما: "من نسي من نسكه شيئًا أو تركه فليهرق دمًا" (١)، والدم على من فعل المنهي في الحج، وفعل المنهي ترك للواجب.

ونقول في قوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [النساء: ١٣] , ما قلنا في قوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [النساء: ١٣]، إلا أن الإعراب هنا يختلف، فإن {يَعْصِ}: فعل الشرط مجزوم بحذف حرف العلة وهو الياء.

وقوله: {وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ} {وَيَتَعَدَّ} معطوف على {يَعْصِ} المجزوم، وهو مجزوم بحذف الألف، وأصله "يتعدى".

وقوله: {وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ} أي: يتجاوزها، والمراد بالحدود هنا: الأوامر؛ أي: يتجاوز ما حدَّه الله بأوامره.

وقوله: {يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} هذا هو جواب الشرط، والنار معروفة.

وهنا لطيفة: في قول الله تعالى عن أهل النار: {خَالِدًا فِيهَا}، وقال عن أهل الجنة: {خَالِدِينَ فِيهَا} [النساء: ١٣].


(١) رواه الإمام مالك في الموطأ، كتاب الحج، باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئًا (٩٤٣)؛ ورواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب جُمَّاع أبواب المواقيت، باب من مر بالميقات يريد حجًا أو عمرة فجاوزه غير محرم (٨٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>