"فقد غوى"، فكأن قوله:"يعصهما" معطوفة على "يطع"، فهذا بعيد، ويحتاج لإثبات أنه سكت، ثم لو سكت المتكلم فقال:"ومن يعصهما"، ثم قال:"فقد غوى" فإنه يعرف أن هذه الجملة مفرعة على ما قبلها.
٦ - إثبات الجزاء يوم القيامة، لقوله:{يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} ووجه ذلك: أن إدخال الجنات ليس في الدنيا، وإنما هو في الآخرة.
مسألة: قال العلماء: إن الجمع بين قوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة: ١٧]، وبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل الجنة أحد بعمله"(١) بأن نجعل الباء في قوله: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} للسببية، وأن نجعل الباء في قوله:"لا يدخل الجنة أحد بعمله" للمعاوضة والبدل، فإنه لو قورن العمل بالثواب لأحاط الثواب بالعمل، ولم يكن مقابلًا له، ثم إن توفيق الإنسان للعمل الصالح نعمة تحتاج إلى شكر.
٧ - بيان نعيم هذه الجنات، وأن الأنهار تجري من تحتها، وأنواع هذه الأنهار معروفة في آيات أخرى.
٨ - دوام نعيم هذه الجنات، لقوله:{خَالِدِينَ فِيهَا}، والخلود هنا مؤبد، وقد ذكر الله عزّ وجل ذلك في عدة آيات من القرآن، وأجمع المسلمون على أن نعيم الجنة مؤبد، ولم يذكر في ذلك خلاف.
٩ - أن هذا النعيم هو الربح العظيم الذي لا يماثله شيء، لقوله:{وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
* * *
(١) رواه مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل يرحمه الله (٢٨١٨) عن عائشة رضي الله عنها.