واقترنت بالفاء؛ لأن الجواب لا يصح أن يكون فعلًا للشرط، ومتى امتنع أن يكون الجواب فعلًا للشرط وجب اقترانه بالفاء، وقد جُمعت المواضع التي يقترن الجواب فيها بالفاء في بيت:
اسمية طلبية وبجامد وبما ... وقد وبلن وبالتنفيس
وقوله:{فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} قد يقول قائل: كيف كانت بالإفراد، والخطاب الذي قبلها بالجمع في قوله:{أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}؟
قلنا: كأن هذه الجملة - والله أعلم - انفصلت عما قبلها، وصار المراد بها المخاطب، يعني: فلن تجد أيها المخاطب! له سبيلًا، ومعنى:{سَبِيلًا} أي: طريقًا إلى الهداية.
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - الإنكار على المؤمنين في الإختلاف في المنافقين، لقوله:{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}.
ويترتب على هذه الفائدة أن هذا يوحي بذم الإختلاف، وذم الإختلاف أمر ثابت؛ لأن هذه الأمة أوصيت بأن تقيم الدين ولا تتفرق فيه، والإختلاف تفرق، بل قد قال الله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)} [آل عمران: ١٠٥].
٢ - أن الإنسان يُركس ويُرد على الوجه المذموم بسبب عمله، ويؤخذ من قوله:{وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا}.
٣ - إثبات الأسباب، ويؤخذ من قوله:{بِمَا كَسَبُوا} لأن الباء السببية.