للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذنوبهم سؤال توبيخ، بدليل قوله: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}، لكنهم لا يحاسبون كحساب المؤمن، ولا توزن أعمالهم، فالمؤمن تعرض عليه أعماله فإذا أقر بها قال الله عزّ وجل: "سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم" (١)، ولا مناقشة؛ لأنه لو نوقش لهلك، أما هؤلاء فإنهم ينادى على رءوس الأشهاد يوم القيامة: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: ١٨].

ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الواسطية: إنهم لا يحاسبون حساب من توزن أعماله وسيئاته؛ لأنه لا حسنات لهم، فلا توزن لهم أعمال، لقوله تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: ١٠٥].

* * *

* قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (٤٣)} [النساء: ٤٣].

إذا صدر الله الآية بـ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} دل ذلك على أهمية الموضوع؛ لأن النداء يسترعي الإنتباه، فإذا خاطبك أحد وناداك يا فلان، فإنه يريد منك أن تنتبه، والذي ينادينا هو الله رب


(١) رواه البخاري، كتاب المظالم، باب قول الله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}، حديث رقم (٢٣٠٩)؛ ومسلم، كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، حديث رقم (٢٧٦٨) عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>