للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العالمين. ولهذا قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "إذا سمعت الله يقول {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأرعها سمعك، فإما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه" (١).

ثم إن الله تعالى إذا صدر هذا النداء بوصف الإيمان دل ذلك على أن امتثاله إن كان أمرًا، وتصديقه إن كان خبرًا من مقتضيات الإيمان؛ لأنه لا ينادى شخص بوصف ثم يوجه إليه الأمر أو الخبر إلا لأنه أهل لقبول هذا الأمر، وتصديق هذا الخبر بما معه من هذا الوصف.

ويفيد أيضًا: أن مخالفة هذا نقص في الإيمان، فإذا كان أمرًا فخولف أو خبرًا فكذب، فإن هذا ينافي الإيمان.

ويفيد أيضًا معنى ثالثًا: وهو ما يعرف بالإغراء؛ أي: تحبيب الشيء إلى الإنسان؛ لأنه إذا قيل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} كأنه قيل: إن كنت مؤمنًا فافعل، كما تقول للرجل: يا أيها الكريم قد نزل بك ضيف، تعني: فأكرمه.

قوله: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} أي: لا تصلوا ولا تتهيئوا للصلاة والحال أنكم سكارى، ولا تأتوها إلا وأنتم على أتم ما يكون من الإحساس واليقظة، ولهذا نعرب الواو في قوله {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} حالية، والجملة {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} في محل نصب على الحال من الواو في قوله: {لَا تَقْرَبُوا}، وذلك لأن الصلاة صلة بين العبد وبين الله، والمصلي يناجي الله عزّ وجل ويخاطبه، ويحاوره، فإذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} يقول الله: "حمدني عبدي" وإذا قال:


(١) تقدم ص ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>