للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قال الله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (١٠٨)} [النساء: ١٠٨].

{يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ} أي: هؤلاء الذين سرقوا ولكنهم وضعوا السرقة في بيت آخر خوفًا من العار الذي يلحقهم بالسرقة، فهم يستخفون من الناس أن يوصفوا بالسراق، لكنهم لا يستخفون من الله، والله عزّ وجل أحق أن يُستخفى منه، وهو الأحق أن يُستحيا منه، وأن يخاف منه عزّ وجل، أما الناس فإنهم لا يضرونك ما دام الذي بينك وبين ربك سليمًا.

قوله: {وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} قوله: {وَهُوَ مَعَهُمْ} الجملة هنا: حال، من الواو في {يَسْتَخْفُونَ}، أو من لفظ الجلالة، وهو أقرب، يعني: ولا يستخفون من الله والحال أنه معهم.

وقوله: {وَهُوَ مَعَهُمْ} المعية يعني: المصاحبة، لكن معية كل شيء بحسبه، والأصل في معنى هذه الكلمة: هي المصاحبة، لكنها تختلف ويختلف مقتضاها بحسب ما تضاف إليه.

فيقال مثلًا: المرأة مع زوجها، ويقال: القائد مع جنده، ويقال: المتاع مع حامله، ويقال: القمر معنا، ويقال أشياء كثيرة تختلف فيها المعية من موضع إلى آخر، لكن يجمع هذه المعاني كلها مطلق المصاحبة، وتختلف مقتضياتها حسب ما تضاف إليه.

فالله تعالى مع هؤلاء الذين بيتوا ما لا يرضى من القول، ومع الذين اتقوا والذين هم محسنون، والمعيتان تختلفان بحسب مقتضاهما ولوازمهما، والله تعالى مع محمد عليه الصلاة والسلام

<<  <  ج: ص:  >  >>