للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الغار، ومع موسى وهارون في الرسالة، وتختلف هذه المعية عن معيته مع المؤمنين والمتقين، وما أشبه ذلك. فما الذي تستلزمه هذه المعية في هذه الآية؟

الجواب: تستلزم التهديد، بالإضافة إلى الإحاطة؛ لأن المعاني الخاصة تضاف إلى المعنى العام، وهو هنا الإحاطة التامة بالخلق.

ثم هذه المعية الصواب: أن المراد بها المعية الحقيقية، وأنه سبحانه معنا لكنه في السماء، ولا منافاة في ذلك لثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن الله تعالى جمع بين هذين المعنيين في آية واحدة فقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤] مع أنه ذكر أنه مستوٍ على العرش، ولا يمكن أن يجمع الله لنفسه بين وصفين متناقضين أبدًا.

الوجه الثاني: أنه لا منافاة بين العلو والمعية، فإن هذا ثابت للمخلوق، كما تقوله العرب: ما زلنا نسير والقمر معنا، مع أن القمر من أصغر الأجرام السماوية، ومع ذلك هو مع المسافر وغير المسافر، وهو في السماء، فإذا كان اجتماع حقيقة المعية والعلو في حق المخلوق ممكنًا فاجتماعهما في حق الخالق من باب أولى.

الوجه الثالث: أنه لو فرض امتناع اجتماعهما في حق المخلوق فإنه لا يقتضي انتفاء اجتماعهما في حق الخالق؛ لأن الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، فإذا كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>