للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجعلوهم أولياء أي: تتولونهم، وتثقون بهم، وتناصرونهم، وتعلقون آمالكم بهم من دون المؤمنين؛ لأن بعض المؤمنين يكون ضعيف الإيمان, وضعيف التوكل على الله، فيعتمد على هؤلاء الكفار لقوتهم، ويتولاهم ويرى أن المؤمنين لا يبلغون مبلغهم، وهذا لا شك أنه نقص في الإيمان والتوكل، فقد سبق أن الله قال: {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء: ١٣٩].

وقوله: {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} أي: من سواهم.

قوله: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} وهذا استفهام بمعنى الإنكار يعني: {أَتُرِيدُونَ} باتخاذكم {الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}، {أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ} أي: تصيروا له {عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} أي: حجةً بينة وواضحة؛ لأن كونكم مؤمنين يقتضي أن تتولوا المؤمنين لا الكفار، فإذا عدلتم عن هذا الواجب إلى موالاة الكفار فقد جعلتم {لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} تستحقون به عقوبة الله.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - فيها دليل على تحريم اتخاذ الكافرين أولياء؛ لأن الله نهى عن ذلك وحذر منه، نهى عن ذلك بقوله: {لَا تَتَّخِذُوا}، وحذر منه بقوله: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا}.

٢ - أنه لا تجتمع ولايتان: ولاية الكفار، وولاية المؤمنين؛ لقوله: {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}، ولا يعني ذلك أنهم لو اتخذوهم هم والمؤمنين أولياء جاز ذلك، بل نقول: إن قوله {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} يعني: أنكم إذا اتخذتم الكفار أولياء عدلتم عن ولاية المؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>