[الأنعام: ٢٣]، فإن هذا صريح في أنهم ينفون أن يكونوا مشركين، وهذه آية صريحة في أنهم لا يكتمون؟
فالجواب: أن القيامة ليست ساعةً أو ساعتين حتى تتصادم الأقوال فيها، بل القيامة يوم مقداره خمسون ألف سنة، فالأحوال تتغير وتتبدل، فهم أحيانًا يقولون كذا وأحيانًا يقولون كذا؛ لأنهم يريدون الخلاص، فكل وسيلة يظنونها سببًا للخلاص يسلكونها حتى وإن تناقضوا، فهم لا يكتمون الله حديثًا، ولكن إذا رأوا نجاة أهل التوحيد {قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}[الأنعام: ٢٣]، من أجل أن تحصل لهم النجاة، ولكنها لا تحصل إذا قالوا:{وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، والذي يفضحهم:
إذًا: فالجمع بينهما: أن أحوال القيامة تتغير. وهكذا تأتي آيات يظن أن فيها تعارضًا، مثل قوله تعالى:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}[آل عمران: ١٠٦]، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}[الزمر: ٦٠] وفي آية أخرى: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا}[طه: ١٠٢] فنقول: يوم القيامة أحواله تتغير حيث تسود الوجوه، ويحشرون زرقًا وتتغير؛ لأن المدة خمسون ألف سنة، فنحن بيننا وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - ألف وأربعمائة، وهذا خمسون ألف سنة، أعاننا الله على أهواله، فالمسألة ليست هينة، فتختلف الأحوال وتتغير.