للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قادر على أن ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الآخر، وقادر على أن يأتي للفصل بين العباد، وقادر على أن يتكلم، وكل شيء فالله قادر عليه.

قال بعض أهل العلم: ولكن القدرة تتعلق بالشيء الممكن، أما الشيء المستحيل فلا تتعلق به القدرة، وأشكل هذا على بعض الناس، وقال: إن الله على كل شيء قدير، وأجاب عنه شيخ الإسلام رحمه الله بأن المستحيل ليس بشيء؛ لأنه لن يوجد ولن يعدم، وليس بشيء حتى يقال: إنه خرج من عموم الآية، وإذا كان ليس بشيء فإنه لا يدخل في العموم حتى نقول: إن هذا خطأ، ولهذا قال السفاريني في عقيدته:

بقدرة تعلقت بممكن ... كذا إرادة فع واستبن (١)

وعلم الله يتعلق بالمستحيل بدليل قول الله تعالى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢]، فمستحيل أن يكون فيهما آلهة إلا الله، ومع ذلك علم الله تعالى بنتيجته لو كان، وهذا شيء مستحيل.

فلو قال قائل: هل يقدر الله على أن يخلق مثل نفسه؟ قلنا: هذا مستحيل، مستحيل أن يخلق مثل نفسه؛ لأنه جل وعلا لا مثل له، كما أخبر عن نفسه، وإذا كان لا مثل له فإنه يستحيل أن يكون كذلك؛ لأن الله تعالى خبره صادق لا يخلف ولا يتغير.

ويعبر بعض الناس بقوله: "إن الله على ما يشاء قدير"، وهذا التعبير غير صحيح؛ لأنه يقيد القدرة بما شاءه الله، وما لم يشأه فهو قادر عليه، ومفهوم هذا الكلام أنه ليس بقادر، فعلى


(١) البيت رقم ٣٧ من منظومة العلّامة الشيخ محمد بن أحمد السفاريني المتوفى عام ١١٨٨ هـ رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>