للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضع" (١)، ولما كانت رسل قريش تأتي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية كان المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - واقفًا على رأسه ومعه السيف، وهذا تعظيم ينهى عنه، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر المصلين خلف من كان قاعدًا أن يصلوا قعودًا، لكن في هذا القيام لإغاظة الأعداء كان ممدوحًا.

كما أنه عليه الصلاة والسلام في تلك الحال كان إذا بصق البصاق يتلقاه الصحابة رضي الله عنهم بأيديهم يمسحون به وجوههم وصدورهم، ولم يكونوا يفعلون هذا في كل حال، لكن إغاظة للكفار، وكانوا يقتتلون على وضوئه، وقد أثَّر هذا في رسول قريش لما رجع إلى قريش؛ فإنه قال: لقد دخلت على ملوك كسرى وقيصر والنجاشي فلم أر أحدًا يعظمه أصحابه مثل ما يعظم أصحاب محمد محمدًا عليه الصلاة والسلام (٢)، وأمثالها كثير.

المهم: أن من التواضع أن يذكر الإنسان نفسه بصيغة المفرد، لكن في مقام ينبغي فيه أن يكون معظمًا لنفسه، معتدًا بشخصه، فإنه ينبغي أن يذكر اللفظ الدال على التعظيم.

٢ - علو الله عزّ وجل لقوله: {أَنْزَلْنَا}، والنزول لا يكون إلا من علو، والقرآن كلام الله، فإذا كان القرآن نازلًا لزم أن يكون المتكلم به عاليًا.

٣ - أن القرآن كلام الله غير مخلوق، لقوله: {أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ}.


(١) رواه الطبراني في الكبير (٧/ ١٠٤) (٦٥٠٨)؛ والبيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٢٤٨) برقم (١٠٨٣).
(٢) رواه البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب (٢٧٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>