والفائدة من القسم في القرآن - وهو حق وصدق بدون قسم - إما لشك المخاطب. فيؤكد بهذا القسم، أو لعظم المقسم عليه، يعني: أن القرآن باللسان العربي، ولسان العرب يؤكدون الأخبار بالقسم.
وقوله:{فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} الجملة شرطية، والشرط فيها وجوابه فعل ماضٍ، فنقول: إنه مبني في محل جزم؛ لأن الفعل الماضي مبني، وفعل الشرط {أَصَابَتْكُمْ} وجوابه: {قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ}.
وقوله:{إِذْ لَمْ أَكُنْ} إذ هنا للتعليل، وليست ظرفًا، يعني: حيث لم أكن معهم شهيدًا.
معنى الآية:
أما معنى الآية يقول الله عزّ وجل:{وَإِنَّ مِنْكُمْ} ومن هذه للتبعيض، يعني: إن بعضكم.
{لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} يعني: للذي يبطئن، ومعنى "يبطئ" أي: يدعو للتباطؤ، سواء دعا غيره أو دعا نفسه، فيكون قوله:{لَيُبَطِّئَنَّ} شاملًا لمن يخذل غيره عن النفور للقتال، ولمن يخذل نفسه ويتهاون حتى يفوت الأوان عن هذا الذي يتأخر ولا يخرج للقتال.
ونتيجة القتال إما أن تكون الغنيمة والغلبة والنصرة، وإما أن تكون العكس، فهو إذا أصابتكم مصيبة يعني: أصابكم خذلان وهزيمة {قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا} فيتضمن كلامه هذا الإفتخار والإحتقار، الإفتخار بنفسه أنه لم يشهد هذه المصيبة، والإحتقار لمن أصيبوا بهذه المصيبة، وهذا غاية ما يكون من التباعد، وهذا الذي يقول - وهو منهم - هذا الكلام كأنه لم يكن بينه وبينهم