للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وإن كان يظن أنه خالف الناس في هذا، لكن قوله عند التأمل هو الصواب، وهو أن المصاهرة لا تجري في الرضاع، ولا علاقة للرضاع بها؛ لأن الحديث: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (١)، وأبو الزوج، وابن الزوج إنما هو حرام بالمصاهرة، فكيف ندخل في الحديث ما لم يدخل فيه، وكذلك في الآية الكريمة؟

وقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}، وهذا المحرم ليس عينًا، ولكنه عمل، وهو الجمع، والمعنى: وحُرِّم علينا أن نجمع بين الأختين، ولهذا لا يصح التعبير بأن نقول: تحرم أخت الزوجة، أو تحرم عمة الزوجة؛ لأن ذلك ليس واردًا لا في القرآن ولا في السنة، ففي القرآن: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}، وفي السنة: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها" (٢)، فالحكم معلق بعمل، وهو الجمع، وليس بعين وهي الأخت أو العمة، ولهذا نقول: إن تعبير بعض العلماء رحمهم الله: تحرم أخت الزوجة وعمتها وخالتها، فيه تساهل.

فالصواب أن يقال: يحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها.


(١) رواه البخاري، كتاب الشهادات، باب الشهادة على الأنساب والرضاع، حديث رقم (٢٥٠٢)؛ ومسلم، كتاب الرضاع، باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، حديث رقم (١٤٤٧) من حديث ابن عباس.
(٢) رواه البخاري، كتاب النكاح، باب لا تنكح المرأة على عمتها، حديث رقم (٤٨٢٠)؛ ومسلم، كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح، حديث رقم (١٤٠٨) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>