للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين دين المواساة لكان صحيحًا؛ ولهذا تشرع التعازي في المصائب، وما أشبه ذلك.

٢ - حكمة الشريعة حيث لا تساوي بين المفترقين كما أنها لا تفرق بين المتساويين؛ فالشريعة الإسلامية من لدن حكيم خبير، فلا يمكن أن تجد فيها حكمين متناقضين، ولا يمكن أن تجد فيها شيئين متساويين ثم يختلفان في الحكم أبدًا، بل إذا تراءى لك أن هذين الشيئين متساويان وقد اختلفا في الحكم شرعًا فأعد النظر مرة بعد أخرى حتى يتبين لك، فإن لم يتبين لك فاتهم فهمك، ولا تتهم الأحكام الشرعية.

٣ - أن من قعد عن الجهاد لضرر فإنه كالذي أتى بالجهاد، لقوله: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، ثم استثنى فقال: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، فأولو الضرر مساوون للمجاهدين، ويشهد لهذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك: "إن في المدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا وهم معكم"، قالوا: كيف يا رسول الله! وهم في المدينة؟ ! قال: "حبسهم العذر" (١).

ويقاس على ذلك كل من تخلف عن عبادة لعذر، ولذلك جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا" (٢).


(١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجر، حديث رقم (٤١٦١)؛ عن أنس بن مالك، ومسلم، كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر، حديث رقم (١٩١١) عن جابر بن عبد الله.
(٢) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، حديث رقم (٢٨٣٤) عن أبي موسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>