٤ - فضل الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس، ووجهه: أنهم أعلى درجة من القاعدين الذين لا يجاهدون.
٥ - أن الجزاء من جنس العمل، لقوله:{فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً}، ويلزم من هذه الفائدة: أن تفاضل الجزاء يدل على تفاضل العاملين، ويمكن أن يستنبط منه فائدة ثانية وهي: الإستدلال به على ما ذهب إليه أهل السنة من أن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، كما هو معروف.
٦ - حسن الإحتراس في كلام الله عزّ وجل، وجهه: أن الله لما ذكر فضل المجاهدين على القاعدين، فربما يتوهم الواهم نزول درجة القاعدين من المؤمنين، فأزال الله هذا الوهم بقوله:{وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}، وهذه طريقة القرآن، وانظر إلى المثال الآخر المطابق لهذا، وهو قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}[الحديد: ١٠]، وانظر إلى المثال الثالث: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: ٧٨ - ٧٩] الشاهد في قوله: {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}، فهذه ثلاثة أمثلة تفيد أنه من بلاغة الكلام الإحتراس بدفع ما يتوهم وقوعه.
٧ - البشارة لعامة المؤمنين من القاعدين والمجاهدين بالحسنى، لقوله:{وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}، فهل ينبني على هذه الفائدة أن نشهد لكل مؤمن أنه في الجنة؟ الجواب: أما على سبيل العموم فنعم، وأما على سبيل الخصوص فنتوقف على ما جاء به النص، فمثلًا: نحن نقول: الصحابة كلهم وعدهم الله الجنة: المجاهد، والقاعد، لكن الشخص بعينه لا يمكن أن نشهد له إلا إذا شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم -.