للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْرَكْنَا} [الأنعام: ١٤٨] لأنهم يحتجون بالقدر على معاصيهم وشركهم، وقال في آية أخرى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام: ١٠٧]؛ لأن الخطاب في الآية الثانية موجه للرسول - صلى الله عليه وسلم - كما يبين ذلك آخرها: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (١٠٧)} [الأنعام: ١٠٧] فوجه الخطاب إليه بقضية أبطلت حين جاءت من جهة أخرى؛ لأجل أن يطمئن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن إشراكهم كان بقدر الله، فيرضى ويسلم لقدر الله، لكن ذلك لا يمنعه من القيام بما يجب من تبليغ الرسالة.

وهنا نقول: لما أراد المشركون أن يحتجوا بأن الحسنة من الله ومجرد فضل منه، وأن السيئة من الرسل أبطل الله ذلك، فبأي وجه يكون مجيء الرسل سببًا للجدب والقحط والفقر والمرض؟ لكن ما أصاب الإنسان من الحسنة فمن الله، وما أصابه من سيئة فمن نفسه؛ لأنه هو السبب، فإضافتها إلى النفس من باب إضافة الأشياء إلى أسبابها، وإضافتها إلى الله من باب إضافة المقدور إلى مقدره وهو الله عزّ وجل.

١١ - ذم من لا فقه عنده، لقوله: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا}، ويتفرع على ذلك: مدح من وفقه الله للفقه في دين الله؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" (١).

* * *


(١) رواه البخاري، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، حديث رقم (٧١)؛ ومسلم، كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، حديث رقم (١٠٣٧) من حديث معاوية بن أبي سفيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>