للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينا فيما سبق أن العلو الذاتي قد دل عليه من الأدلة خمسة أنواع: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، والفطرة، وبينا وجه ذلك.

٥ - أن القرآن الكريم مصدق للكتب السابقة يشهد لها بالصدق، ومصدق لها حيث جاء مطابقًا لما أخبرت به، فهو لا يتنافى معها ولا يتنافر معها، لكن الشرائع تختلف باختلاف الأمم، حتى باختلاف الأحوال، حتى في الشريعة الإسلامية تختلف الشرائع باختلاف الأحوال، فالفقير لا زكاة عليه، والغني عليه زكاة، وهذا اختلاف، إذ كيف يقال هذا الرجل الذي هو اسمه زيد عليه زكاة، وهذا الرجل الذي اسمه عمرو لا زكاة عليه؟ نقول: نعم؛ لأن الأول غني والثاني فقير.

فالشرائع تختلف، كما قال تعالى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]، لكن أصول الملل ثابتة واحدة، وهذا الكتاب العزيز مصدق لما بين يديه، وفي سورة المائدة بين الله عزّ وجل أنه مهيمن على ما سبق، ومعنى مهيمن: أي مسيطر، فالهيمنة على الشيء السلطة والسيطرة، وإذا كان كذلك لزم أن يكون ناسخًا لما سبق.

٦ - تهديد أهل الكتاب إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن بهذين الوعيدين: طمس الوجوه وردها على أدبارها، والثاني: أن يلعنوا كما لعن أصحاب السبت.

٧ - تحاشي التعبير بالمواجهة عند المؤاخذة، فهنا قال: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا} ولم يقل: "وجوهكم"، وكان مقتضى السياق أن يقول: من قبل أن نطمس وجوهكم؛ لأنهم هم المهددون، لكن أتى بها على صيغة النكرة تحاشيًا للمواجهة

<<  <  ج: ص:  >  >>