للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: التنزيل الذي يضاف إلى الله قد يكون في أمر مخلوق؛ كقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: ٢٥]، وقوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: ٦]؟

فالجواب عن ذلك يحصل بالتفصيل الآتي: وهو أن المنزل من عند الله ينقسم إلى قسمين:

أعيان، وأوصاف، فالأعيان بائنة منفصلة عن الله فتكون مخلوقة، مثل قوله: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: ٢٥]، {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨]، {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: ٦]، فهذه أعيان بائنة منفصلة عن الله فتكون مخلوقة.

والقسم الثاني: أوصاف لا تقوم إلا بموصوف، مثل: الكلام، فالكلام صفة لا تقوم إلا بموصوف، فإذا أضاف الله إنزال الكلام إليه، فهو من صفاته، وهي غير مخلوقة، وعلى هذا فالقرآن غير مخلوق.

٤ - إثبات علو الله، ووجهه قوله: {نَزَّلْنَا} لأن النزول إنما يكون من الأعلى وهو كذلك، وأدلة علو الله عزّ وجل سبقت مرارًا، وقلنا: إن علو الله عزّ وجل ينقسم إلى قسمين:

قسم حسي، وقسم معنوي، فالقسم المعنوي متفق عليه بين أهل الملة، حتى أهل التعطيل يدعون أنهم يعطلون تنزيهًا لله عن النقص، فالعلو المعنوي لا أحد ينكره من أهل الملة، فكل أهل القبلة يقرون به.

والعلو الحسي الذاتي: هو الذي أنكره من سوى أهل السنة والجماعة، وقالوا: إن الله ليس عاليًا بذاته، بحجة باطلة، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>