والمراد بالفاحشة هنا الزنا، ودليل ذلك قوله تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}[الإسراء: ٣٢]، وعلى هذا فتكون "أل" للعهد الذهني؛ لأنه لم يذكر، لكنه معروف شرعًا، وإنما قررنا ذلك لرد قول من يقول - كأبي مسلم الخراساني -: إن المراد بها السحاق بين النساء. وهذا بعيد عن الصواب، ولم يذهب إليه أحد من الصحابة والتابعين فيما نعلم، والصواب أن المراد بها الزنا.
وقوله:{مِنْ نِسَائِكُمْ} المراد به الجنس؛ أي: من جنس النساء، سواء كانت من الزوجات أو من غير الزوجات. {ومِنْ} في قوله: {مِنْ نِسَائِكُمْ} بيان للموصول في قوله: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ}.
وقوله تعالى:{فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} أي: اطلبوا شهادة أربعة، وقوله:{أَرْبَعَةً} عدد يدل على أن المعدود مذكر؛ لأن العدد المؤنث يكون معدوده مذكرًا فيما دون العشرة، فتقول: تسعة رجال، وتسع نساء.
وقوله:{أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} الخطاب للمسلمين؛ لأن من شرط الشهادة - ولا سيما في هذا الأمر العظيم - أن يكون الشاهد مسلمًا.
قوله:{فَإِنْ شَهِدُوا} أي: على فعل الفاحشة {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} والخطاب هنا في قوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ} عام، والذي يقصد به ولي الأمر؛ إما الخاص، وإما العام.
وقوله:{فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} جمع بيت؛ أي: أمسكوها