للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المآثم والخيانة، فلا يظن الخائن الذي يكتسب بخيانته ما يكتسب أنه رابح، بل هو خائن لنفسه، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من غش فليس منا" (١).

٤ - إثبات محبة الله؛ لأنه لما نفاها عن الخونة دل على ثبوتها للأمناء، وهذا كاستدلال الشافعي رحمه الله بقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين: ١٥] على ثبوت رؤية الله تعالى من المؤمنين، فقال: لما حجب هؤلاء في حال الغضب ثبتت الرؤية للآخرين في حال الرضا.

والمحبة عند أهل السنة والجماعة والسلف الصالح وأئمة الهدى هي ما نعرفه من أنفسنا، ولكن محبة الله ليست كمحبتنا نحن، بل هي محبة كسائر صفاته، جل وعلا، هو أعلم بكيفيتها، ولكن نعلم معنى المحبة، وإذا كانت المحبة بيننا تختلف باعتبار إضافتها وباعتبار قوتها وضعفها، فالإختلاف بين المخلوق والخالق من باب أولى، ولهذا محبتنا للأشياء تختلف حسب متعلق المحبة، فأنت تحب العسل لحلاوته، وتحب صديقك لقربه منك وصداقته، وتحب زوجتك لشيء آخر، وهلم جرا، وتختلف المحبة بحسب متعلقاتها، وتحب ولدك محبة أخرى من جنس آخر، وتحب ابنك الصغير ما دام أنه صغير، لكن إذا كبر تضعف المحبة الأولى، وتنتقل إلى محبة ثانية من نوع آخر، فالمحاب تختلف باختلاف متعلقها.

وإذا كان الله تعالى يحب حقيقةً فما هي المحبة؟


(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من غشنا فليس منا"، حديث رقم (١٠١) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>