للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنكر المحبة المعطلة من الأشاعرة والمعتزلة والجهمية ومن شابههم، وقالوا: لا يمكن أن الله يحب، والمحبة لا تكون إلا بين شيئين متناسبين، فيحب الرجل زوجته، ويحب ابنه، ويحب صديقه، ولا تناسب بين الخالق والمخلوق، فكيف يحب الله الشخص؟ كيف يحب الرسول؟ قالوا: والمراد بالمحبة في القرآن إرادة الثواب، أو الثواب نفسه.

ونقول لهم: إذا قلنا هي إرادة الثواب فإرادة الثواب لا تكون إلا على شيء محبوب، وهل يريد الله أن يثيب أحدًا وهو يكرهه؟ لا يمكن، إذًا: ما دمتم أثبتم الثواب فيلزمكم أن تثبتوا المحبة، إذ لا يمكن أن تكون إرادة الثواب أو الثواب نفسه إلا على شيء محبوب لله.

وأما قولكم: إن المحبة لا تكون إلا بين شيئين متناسبين، فقول باطل، فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أُحد جبل يحبنا ونحبه" (١)، والجبل كومة من الأحجار والأتربة وغيرها، فهو جماد، ومع ذلك قال: "يحبنا ونحبه".

وكذلك أيضًا الحيوان يحبه الإنسان وهو يحب الإنسان، وكون الإنسان يحبه واضح، فكثيرًا ما تحب بعيرك على بعير غيرك، أو شاتك على شاة غيرك.

وهي تحبك أيضًا، وهذا مشاهد فالناقة تأتي إلى صاحبها من بين الناس، تأتي إليه وتستجديه، وقد شوهد في الإبل أن


(١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب أُحد يحبنا ونحبه، حديث رقم (٣٨٥٥)؛ ومسلم، كتاب الحج، باب أُحد جبل يحبنا ونحبه، حديث رقم (١٣٩٣) عن أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>