وقوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} أي: ذا علم وحكم وحكمة، فالعلم: إدراك الشيء على ما هو عليه، وهذا التعريف يخرج الجهلين جميعًا: الجهل البسيط، والجهل المركب؛ لأن الجهل البسيط ليس فيه إدراك مطلقًا، والجهل المركب فيه إدراك الشيء على غير ما هو عليه، فالعلم: إدراك الشيء على ما هو عليه.
وبالنسبة لعلم الله عزّ وجل فإنه علم شامل كامل، وقولنا: كامل؛ أي: أنه لم يسبق بجهل، ولم يلحق بنسيان، قال موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون حين قال:{فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى}[طه: ٥١] قال: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}[طه: ٥٢]، {لَا يَضِلُّ}؛ أي: لا يجهل، {وَلَا يَنْسَى} ما علم، وهو كذلك شامل، قال الله تعالى:{لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[الطلاق: ١٢]، وقد بين الله تعالى علمه في كتابه أحيانًا بالإجمال والعموم، وأحيانًا بالتفصيل، فقوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)} [الأنعام: ٥٩] هذا تفصيل، وقوله:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}[لقمان: ٣٤]، أيضًا فيه شيء من التفصيل، وأما الإجمال فكثير في القرآن.
والعلم أشمل من القدرة وأوسع؛ لأنه يتعلق بكل شيء، حتى بالممتنع، بخلاف القدرة، فإنها شاملة لكل شيء، لكن ما